يتميز المغرب بغنى صناعاته التقليدية خاصة منها ما يتعلق باللباس
المغربي الأصيل الذي لا يستغنى عنه لدى النساء، سواء تعلق الأمر بالخروج
لقضاء غرض ما أو الحضور لمناسبة معينة،
فإلى جانب اللباس التقليدي الخاص بالأعراس والأفراح من "قفاطن" و" تكاشط"،
هناك الجلباب المغربي أو " الجلابة" والمنتشر بشكل كبير لكونه الأكثر
تفضيلا من طرف النساء اللاتي يرتدينه حينما يهممن بمغادرة المنزل للتبضع أو
للذهاب للعمل، خاصة أن رياح التغيير والعصرنة قد طالته ليصبح بأشكال وقصات
متنوعة، تجعل المرأة تشعر براحة أكثر أثناء ارتدائه.
العباية: عملية ومريحة
الجلابة
المغربية كمنتوج تراثي يعبر عن أصالة البلد الذي ينحدر منه، لم يعد يقتصر
على المغرب بل تعداه ليشمل دولا عربية وأجنبية أخرى، قد لاتفهم المقصد من
ارتدائه لأن نساءها يلبسنه داخل البيت وليس خارجه، إلا أن القاسم الذي يجمع
بينهن هو الإعجاب بشكل هذا الزي، خاصة أنه يفسح المجال لانتقاء ما يناسب
ذوق كل واحدة، من حيث طريقة الخياطة، تنوع الأثواب المستعملة وكذا الألوان.
في المقابل، نجد نساءا مغربيات اخترن التغيير بارتداء زي آخر بعيد عن
شكل الجلابة وهو العباية الخليجية، لباس بغطاء رأس أو طرحة كما يسميه
المشارقة، يكتسيان لون السواد بتطريزات ملونة على مستوى الأكمام والظهر.
أثناء التجوال بالعاصمة، قد يبدو للناظر إذا ما وقعت عيناه على نساء
يلبسن العباية أن الأمر يتعلق بتواجد خليجيات، خاصة أن من اخترن ارتداءها
تحرص بعضهن على وضع كامل التفاصيل المرافقة لها كي يبدو اللباس متكاملا،
فاطمة اختارت وضع غطاء الرأس المرافق بطريقة مختلفة: غطاء يظهر القصة التي
تعلو جبينها ويرتفع بشكل تدريجي من الخلف." أجدها عملية ومريحة، ولأني أميل
أكثر لارتداء الألوان الداكنة، فلونها الأسود يناسبني ويروقني كذلك" تقول
فاطمة ذات العشرين ربيعا.
زي إضافي
لون
العباية الأسود يعد اللون الأوحد لهذا الهندام، حيث لا يتواجد بألوان
متنوعة ولعل ذلك ما يجعل البعض يخترنه كبديل عن الجلابة رغم أن هذه الأخيرة
تتوفر بألوان عديدة بما في ذلك الأسود.
إذا كان هناك من يرتدي العباية خارج المنزل، فهناك من ظل وفيا للجلابة
المغربية، لكن ذلك لا يمنع الاحتفاظ بالعباية كزي إضافي، تقول رحمة، 32
سنة، موظفة،" كانت هدية من إحدى صديقاتي بمناسبة عيد ميلادي، شخصيا لا
أستغني عن الجلابة لأنني تعودت عليها، أما العباية فأحتفظ بها وأرتديها
لأداء الصلاة لاني أجدها سهلة في الارتداء".
المعايير التي على أساسها تفضل المغربيات ارتداء العباية قد تختلف من
امرأة لأخرى، لكن ما يجمعهن هو الإقبال الذي تتفاوت نسبته من موسم
لآخر."لدينا تشكيلة متنوعة من العبايات، يرتفع الطلب عليها خاصة في
المناسبات الدينية، كما أن أثمانها مناسبة وفي متناول الجميع" يوضح محمد،
بائع.
"الجلابة عمرها ما تموت"
تطور
العباية الخليجية من اقتصارها على اللون الأسود في السابق دون إضافات إلى
إدخال رسومات وتطريزات بأشكال وأحجام مختلفة، يقابله تطور ملحوظ من نوع آخر
في خياطة الجلابة المغربية التي أصبحت تعرف تداخل مجموعة من الألوان
المزركشة، اعتماد تقصير الأكمام كي لا تعيق حركة اليدين أثناء القيام بعمل
ما، ولتناسب كذلك موسم الصيف الحار، ارتداء الجلابة القصيرة مع سروال إما
على شكل جينز عملي، أو سروال عادي مرافق يحمل نفس اللون والتطريزات
المتناسقة.
يعتبر سعيد، خياط تقليدي بالمدينة العتيقة لسلا أن العباية مجرد موضة
عابرة، لا يمكنها بأي شكل أن تكون بديلا للجلابة، يضيف بنبرة لا تخلو من
حزم" مهما بلغنا من تطور، الجلابة هي الأصل كانت وستظل منتوجا مغربيا أصيلا
يعبر عن ثقافة بلد بأكمله، ورغم التطور الذي شابها لتلائم احتياجات العصر
كما يدعون، إلا أن الجلابة التقليدية مطلوبة ومرغوبة من طرف النساء، ولا
أدل على ذلك من الطلبات التي تصلني، "الجلابة ديالنا عمرها ما تموت".
"لباسنا عليه السر والملحة"
الجلابة
المغربية كلباس أساسي لا تفرق بين النساء اللائي يرتدينها من حيث انتمائهن
لطبقات اجتماعية مختلفة وغير متطابقة، فهي توحد بينهن ليظهرن كنسيج متكامل
أثناء تواجدهن خارج منازلهن. كما أنها قد أصبحت حاليا ذائعة الصيت على
المستوى العالمي، فهي تتماشى مع مختلف التصاميم والتقليعات لتواكب أحدث
صيحات الموضة إرضاء لجميع الأذواق.
تقول الحاجة يامنة"مذ فتحنا أعيننا في هذه الحياة ونحن نرى جداتنا
وأمهاتنا يلبسن الجلابة، كنت أرتديها في الصغر خلال المناسبات الدينية ولا
زلت لحدود هذه الساعة، فلماذا إذن نستبدلها بلباس دخيل على ثقافتنا
المغربية لا يعبر بأي حال من الأحوال عنا كمغربيات؟ أقول لمن يقدمون أسبابا
واهية للتبرير"حافظوا على الجلابة، راه لباسنا عليه السر والملحة
ل