البحرين: شجرة الحياة تستقطب 50 ألف زائر سنوياالمنامة 27 إبريل 2013 (إينا) ـــ عاشت مئات السنين في صحراء قاحلة بدون ماء ، وتغلبت على مصاعب الوحدة والعطش ، في حزام رملي ، وبعيدة عن المدن والقرى ، لتبقى على قيد الحياة لمدة 400 عام ، بينما فنيت كل الأشجار التي كانت بقربها وبقيت وحيدة مع نفسها كل هذه الفترة ، انها "شجرة الحياة" الموجودة في منطقة "الصخير" جنوبي مملكة البحرين ، التي حيرت العلماء والمستطلعين والسيّاح الباحثين عن المتعة الطبيعية.
تقتبس "شجرة الحياة" اسمها من المُدة التي نمت فيها لأول مرة ، فمن خلال البحوث الطبيعية والفطرية المُكثفة اتضح أن "شجرة الحياة" موجودة منذ عام 1583م ، وطوال تلك الفترة تعيش هذه الشجرة وحيدة في المنطقة ، في ظل ظروف مناخية قاسية متمثلة في قلة وجود المياه المتمثلة في التساقطات المطرية المحدودة في فصل الشتاء ، فضلاً عن الأجواء الحارة والجافة والمغبرة في غالبية أيام السنة.
واختارت «شجرة الحياة» أن تقف بشموخ ، مبتعدة 35 كيلومترا عن العاصمة المنامة ، في حين تقع أقرب قرية لها، وهي قرية "عسكر" ، ما يقارب ال10 كيلومترات ، أما لماذا اختارت هذه الشجرة أن تبقى بعيدة عن عزلة الحياة، فذلك السر الذي لا يعرفه البحرينيون ولا زوارهم، ولا حتى الخبراء الذين زاروها لمعرفة سرها في البقاء منتصبة مما جعلها أحد المعالم السياحية في البحرين.
وعبر السنوات السابقة كان البحرينيون يصرون على زيارة الشجرة بين الحين والآخر، قبل أن تصبح مزارا سياحيا للكثير من زوار البحرين ،حيث تقدر الأرقام الرسمية عدد السياح الذين يتوافدون لرؤية الشجرة بحوالي 50 ألف زائر في العام ، فيما يشير المسؤولون الرسميون إلى أن ما وهبته الطبيعة من تميز لـ«شجرة الحياة»، أصبح عاملاً يدفع لرفع أعداد الزوار لشجرة الحياة البحرينية.
سر بقاء "شجرة الحياة" اكتشفه الدكتور غازي الكركي، أستاذ فسيولوجيا النبات بجامعة الخليج العربي، بعد دراسة علمية تبين منها أن "السبب الحقيقي وراء بقاء الشجرة ، دون ري أو تسميد في ارض جرداء قاسية، هو أن تكون قد ابتكرت آلية خاصة لتغذية نفسها ذاتيا بمساعدة فطر "مايكورايزا".
وأشرف الدكتور الكركي على فريقٍ من الجامعة درس الشجرة عن كثب ، ودرس المنطقة المحيطة بها إلى أن توصل إلى أن جذور الشجرة ممتدة باتجاهات مختلفة (أفقية وعمودية) في عمق التربة، مما يؤكد الاعتقاد بأن الشجرة، الواقعة على مرتفع صغير، أوجدت لنفسها آلية للحصول على الماء والغذاء من طبقات التربة العميقة جدا (طبقة الماء الأرضي) حيث يوجد الماء سواء ذلك الذي تسرب من مياه الأمطار الموسمية أو أجسام مائية أخرى، ساعدتها على النمو والبقاء، مشيراً إلى أن الآليات الطبيعية التي عمدت لها شجرة الحياة تشمل تطوير نظام جذري طويل وعميق للمساعدة في امتصاص الماء من أعماق التربة ، كما أشار إلى ان الشجرة طورت آليات تحمُل الجفاف وقلة خصوبة التربة من العناصر الغذائية من خلال بناء علاقة تعايشية مفيدة مع بعض الكائنات الحية النافعة التي تعيش في التربة لمساعدتها على امتصاص الماء وإتاحة العناصر الغذائية لها.
وأخذ الفريق عينات من التربة المحيطة بالشجرة وجذور بعض النباتات القريبة منها لدراستها تحت المجهر بالإضافة إلى إجراء بعض التحاليل في مختبرات جامعة "هوهنهايم" الألمانية بالتعاون مع بعض العلماء الألمان لتأكيد فرضية علاقة صمود شجرة الحياة بالفطر لمئات السنين في صحراء قاحلة.
وباتت "شجرة الحياة" في الوقت الراهن محطة سياحية بارزة يتوافد عليها الزائرون بشكل كبير طوال السنة خاصة في خلال فصل الشتاء ، حيث يجد الزوار والسيّاح موقع الشجرة أكثر من مجرد شاهد طبيعي يرتاده الباحثون عن الكنوز الطبيعية ، حيث أن موقع هذه الشجرة في فصل الشتاء يشهد نشاطا ملحوظا في الأنشطة الرياضية وعلى رأسها ألعاب الدراجات النارية.