حصد لقب أفضل صحفي رياضي بالمغرب لعام 2011
حاوره
هشام تسمارت: في الأرض المترامية بين ربوة قبعت على مرمى حجر من القدْس
وبلاد المغرب الأقصى، عاش الإعلامي الأردني المغربي نوفل العواملة حياة
ملؤها تفاصيل معقدة، قبلَ أن يبزع ابن المشرق من أرض المغرب نجماً يحظى
بتقدير مغاربة توسموا في حفيدهم نقطة مضيئة في مشهد إعلامي يكاد حديث
القتامة أن يكون له، في هذا الحوار يعيد نوفل ترتيب قصة إرادة أبت إلا أن
تصنع نجاحاً يطبق الآفاق.
كيف استقر الحـالُ بسليل المملكة الهاشمية في المغرب؟
قصتي
مع المملكة المغربية قد لا تلخصها السطور، فبها ولدت وقضيت أربع سنوات من
طفولتي وإن كنت لا أحتفظ في ذاكرتي بأية صورة تشير إلى تلك المرحلة، أنا من
مواليد الرباط عام 1984 من أب أردني وأم مغربية، فوالدي الدكتور محمد
الفزاع العواملة كان يعمل في السفارة الأردنية ولكنه قرر المغادرة عام 1987
والعودة إلى الأردن وبالتالي عدت رفقة أخي الأكبر نبيل وأختي نجوى إلى
الأردن لتبدأ مرحلة أخرى من حياتي، مرحلة مليئة بالتفاصيل المعقدة التي أود
أن أحتفظ بها لنفسي إلى أن يحين موعد الإفصاح عنها. في الأردن قضيت أربعة
عشر عاماً حيث عدت في صيف عام 2000 إلى المغرب لأبدأ رحلة جديدة في وطن لم
يغب عن ذاكرتي حيثُ رسمت له أجمل الصور عن بعد.
' سمعنا أن أحداث مثيرة تثوي بين تفاصيل طفولتك، ما هي وكيف عشتها؟
'
كما يعرف الجميع الزواج من الأجانب في عالمنا العربي دائما ما يحمل بين
ثناياه مآسيَ كثيرة يدفع ثمنها الأبناء وأنا وإخوتي من هؤلاء، في المغرب
وخاصة في ثمانينات القرن الماضي لم تكن هناك معلومات كثيرة حول الأردن،
وبالتالي كان من الصعب أن ترحل والدتي مع والدي وبالتالي حصل الفراق وحرمت
من رؤية أمي لثلاثة عشر عاما بالتمام والكمال، وهنا وخلال هذه المرحلة
الزمنية كان لا بد من التأقلم مع هذا الواقع الاستثنائي ولكن لا بد من
الإشادة بوالدي اللذي حاول أن يلعب دور الأب والأم في الأسرة، وبحمد الله
كما يقال الإبداع يولد من رحم المعاناة وهذه هي الأقدار ولا نملك سوى
الخضوع لها، وأتمنى صادقا أن أعوض والدتي عن هذه السنوات فهي بالنسبة لي
ذلك المصباح الذي ينير حياتي.
' كيفَ أمكنك أن تتخطى آثار تلك التفاصيل وتتابع مشواراً دراسيا ناجحاَ؟
'
ليس من السهل أن تمحوا من ذاكرتك ذكريات صعبة وأليمة، ولكن بإمكانك أن
تحولها إلى حافز من أجل النجاح، فكثر غيري عاشوا بعيدا عن أسرهم لظروف
مختلفة ولكنهم أبدعوا وقدموا للبشرية دروسا في الإبداع، وأنا حاولت أن
أتخطى مرحلة الطفولة لأرسم لنفسي مسارا مغايرا يجعل من تجربتي في المشرق
قاعدة للانطلاق بنجاح في المغرب.
' كيف جاءت فكرة التحاقك بالمعهد العالي للإعلام و الاتصال بالرباط؟
'
بالنسبة للمعهد العالي للإعلام والاتصال، لم أكن بصراحة أفكر في أن أكمل
دراستي الجامعية به، حيث قررت السفر لفرنسا لمتابعة دراستي هناك ولكن شاءت
الأقدار أن أبقى في المغرب وألتحق بالمعهد اللذي يعد من أبرز المؤسسات
التعليمية في العالم العربي وخرجت من رحمه أسماء لامعة في عالم الإعلام
المغربي والعربي. سنوات رائعة قضيتها هناك ومن هذا المنبر أقدم كل الشكر
والعرفان لأساتذة المعهد وكل العاملين به لأنهم بالفعل جنود يعدون رجال
ونساء الإعلام خير إعداد ويقدمون لهم المعرفة النظرية والتطبيقية التي
تؤهلهم لولوج عالم مهنة المتاعب.
' أحرزت مطلع العام الجاري لقب أفضل
صحفي مغربي، خصك به معجبوك على الانترنت في استفتاء أجراه موقع 'كورة'
الشهير، كيف كان وقع التتويج من بين أسماء لامعة أدرجت في قائمة التصويت؟
'
هو وكما قلت مباشرة بعد استقبالي للخبر، تكليف وليس بتشريف، فوجئت صراحةً
بهذا الاختيار. خاصة بالنظر لمشاركة عدد من الأسماء الإعلامية البارزة على
المستوى المحلي والعربي، ولكن أقدر للجماهير هذه الثقة التي جاءت بعد عمل
دؤوب في قناة ميدي1 تي في وفي الشأن الرياضي على وجه الخصوص، هي شهادة بأن
هذا العمل في مستوى تطلعات الجماهير وهي بالوقت نفسه تكريم لكل العاملين في
القناة وتحفيز لتقديم الأفضل في قادم السنوات، ولعل سر هذا النجاح يكمن في
إحترام ذكاء المشاهد خاصة هنا في المغرب، فنحن قبل كل شيء لسنا بقناة
رياضية متخصصة ولكن نحاول أن نمنح الرياضة أهمية خاصة لأنها تستقطب مختلف
شرائح المجتمع وفي وقتنا الحالي لا يمكن أن نفصل الرياضة عن السياسة أو
الإقتصاد لأن الجميع يدور في حلقة واحدة لا تتجزأ، أعتقد أن هذه الجائزة
بمثابة اعتراف بالكوادر الوطنية والتي بإمكانها أن تبدع داخل الوطن دون
الحاجة إلى الهجرة نحو الضفة الأخرى.
' ترأس حاليا القسم الرياضي بقناة ميدي 1 تي في وأنت في ربيعك السابع والعشرين، ما السر القابع وراء هذا النجاح؟
'
لا أحب الحديث بصفة المسؤول، فنحن في القسم الرياضي سلاحنا هو التآلف
والإنسجام، نعيش كأسرة واحدة ونحمل في عقولنا هدفاً واحد، ألا وهو الرقي
بالمنتوج الإعلامي الرياضي لقناة ميدي1 تي في، ولكن اختيار إدارة القناة لي
شكل مفخرة بالنسبة لشخصي المتواضع وأتمنى بالفعل أن أكون عند حسن الظن لأن
المسميات الوظيفية لا تهم في العمل الإعلامي بقدر الروح الجماعة وروح
الفريق التي من شأنها أن تقدم عملا يليق بسمعة القناة ويلبي طموحات المشاهد
الكريم.
' قلت في حوار مع موقع هسبريس الإلكتروني بالمغرب إن الصحافة الوطنية لم تنصفك، فيما قصرتْ معك بالضبط؟
'
غياب الإنصاف هنا لا يمس شخصي فقط بل المنتوج الرياضي على قناة ميدي1 تي
في ككل، فكما يعلم الجميع القناة تحولت من قناة إخبارية إلى قناة عامة تقدم
البرامج السياسية والإقتصادية والرياضية، وهنا تغيرت الهوية وبالتالي أعطي
اهتمام كبير للرياضة تمثل بإطلاق برنامج بطولتنا وبنقل عدد من مباريات
المنتخب الوطني كلقاء الجزائر والمغرب في عنابة، هذا الزحم في المنتوج
الرياضي لم يلقى صدى في الصحافة المكتوبة، لذا حين جاء تتويجي عبر صفحات
الفيس بوك تحدثت عن إنصاف لما نقدم في القناة، وهنا كانت ردة فعل واضحة من
الصحافة المكتوبة التي أصبحت تولي إهتماما كبيرا بما تقدم ميدي1 تي في ليس
في الشأن الرياضي ولكن في مختلف المجالات.
' هل صحيح أنك رفضت عدة عقود عمل عرضتها كبرى القنوات العربية؟
'
الجواب على هذا السؤال هو أنني لم أرفض بل تأنيت نوعا ما في مغادرة
المغرب، بالفعل قدمت لي عروض جد مغرية للعمل في عدد من المنابر الإعلامية
ولكن إيماني بمشروع القائمين على ميدي1 تي في جعلني أتريث بعض الشيء، لأنني
بصراحه لم أقدم كل ما في جعبتي للمشاهد الكريم وأود أن أساهم ولو بجزء
بسيط في نجاح هذا المشروع الإعلامي الطموح، ولكن رغم ذلك أعتقد بأنني يوما
ما سأغادر صوب الخليج العربي الذي يتوفر على أكبر المؤسسات الإعلامية خاصة
في الصحافة الرياضية.
' كيف تجد مناخ الاشتغال داخل قناة ميدي1 تي في؟
'
مناخ العمل في ميدي1 تي في صعب وممتع في آن واحد صدقني بأن زملائي من
صحفيين وتقنيين يبدعون في عملهم بشكل كبير، فلك أن تنظر إلى عدد العاملين
في القناة وإلى المنتوج اللذي يقدم وحينها بإمكانك أن تطلق ما شئت من
أحكام، اليوم وبحمد الله تمكنا من كسب ثقة المشاهد في المغرب وأتمنى أن
تستمر هذه الثقة لأنها تشكل حافزا من أجل الإستمرار على ذات النهج، ولعل سر
النجاح في تحقيق هذه الأهداف هي روح المجموعة التي تميز العمل في هذا
المنبر الإعلامي فالجميع هنا يضحي بالغالي والنفيس لإنجاز عمله الصحفي بكل
حرفية ومهنية، ببساطة إنهم مبدعون ولهم ترفع القبعات احتراما وتقديرا.
'
كيف تنظر إلى واقع الإعلام الرياضي بالمغرب ومستقبله اليوم في ظل
الإمكانات المادية التي تبقى جد متواضعة إذ ما قورنت بنظيراتها في المشرق
والتي تستأثر بحصة الأسد في احتكار تغطية االتظاهرات الرياضية الدولية؟
'
أعتقد أن واقع الإعلام الرياضي لا يعالج في سطور ولكن باختصار، على
الإعلام الوطني أن يستفيد من عوامل كثيرة متاحة الآن، فعلى سبيل المثال
لدينا الآن في المغرب قناة رياضية متخصصة أصبحت تزاحم القنوات الأجنبية في
بعض البطولات الدولية خاصة تلك التي تهم المنتخبات الوطنية، لدينا أيضا
بطولة وطنية قوية تحظى بإعجاب المؤسسات الإعلامية الأجنبية، لدينا في
المغرب قاعدة رياضية وفي رياضات مختلفة بإمكانها أن تساهم في رقي المشهد
الإعلامي الرياضي، وفوق كل هذا عناك هامش جيد من الحرية يجعل الصحفي
الرياضي حرا في تناوله لمختلف القضايا الرياضية وعليه أن يستفيد من ذلك،
ولكن تبقى منافسة الإعلام الأجنبي ضرباً من الخيال وهذا عائد بالأساس
للإمكانيات المادية وليس للطاقات البشرية، فجيل من الإعلاميين الشباب
يراهنون اليوم على إعادة التوهج واللمعان للإعلام الرياضي الوطني رغم
محدودية الإمكانيات بالنهل من الأجيال السابقة التي بنت أساس هذا القطاع،
ولتترجم هذه الأهداف النبيلة إلى واقع لا بد من الدعم سواء من القطاع العام
أو القطاع الخاص. وعلى العموم أنا جد متفائل بمستقبل الإعلام الرياضي في
المملكة المغربية.
' هل يمكن أن نرى نوفل ذات يوم مقدماً لبرامج سياسية أو اجتماعية؟
'
أنا شخصيا أؤمن بالتخصص وبما أنني أصبحت اليوم وبحمد الله وجها مألوفا في
الإعلام الرياضي فلا بد لي أن أحافظ على هذا المكسب، وإن كنت قد عملت لثلاث
سنوات في الشأن السياسي والإقتصادي وحتى الفني وسبق لي أن قدمت النشرات
الإخبارية والعمل كمحرر داخل القناة، ولكنني أتمنى اليوم أن أواصل المشوار
في سماء الإعلام الرياضي لتقديم رسالة إعلامية تقدم الإضافة لا العكس.
' هل أنت متزوج وكيف تعيش حياتك بين بلد الأم'المغرب' و بلد الأب 'الأردن'؟
لست
متزوجا بل أعزبا، فأنا إنسان يعشق الوحدة لأنها أصبحت جزءً لا يتجزأ من
حياتي، ألفتها وألفتني أحببتها وأحبتني وأصبح فيما بيننا قصة عشق يطول
شرحها، بالنسبة لحياتي في المغرب حياة عادية أستمتع بكل لحظاتها، وإن وهبت
كل وقتي لعملي إلا أنن أستغل بعض التغطيات الصحفية في مناطق المملكة
للتعرف على رقعة جغرافية أعتبرها كقطعة من الجنة وهبها الله لهذا البلد
المعطاء، ولعل ما يشجع على العمل في الإعلام الرياضي هو حب الناس للرياضة
فأينما حللت وارتحلت أشعر بذلك وهذا يدخل البهجة والسرور للقلب، بالنسبة
للأردن أذهب سنويا إلى هناك لرؤية والدي وإخوتي ولكي أروي ظمأً يسكن في
قلبي تجاه وطني، فمحبة الأردن تجري في عروقي، ولا يبددها بعد المسافات،
تماما كما هو الحال بالنسبة للمغرب، أعتقد بأنني إنسان محظوظ أملك ثلاثة
أوطان، الأردن والمغرب والوطن العربي الحبيب، فمن مثلي، هذه
الميزة
تنعكس على ثقافة الإنسان أيضا، وأتمنى صادقاً أن أكون مخلصاً لتراب وطنٍ
منحني الحياة والأمل. وفي الختام كل الشكر للقائمين على 'القدس العربي'
المنبر اللذي يحمل أجمل الأسماء ' القدس